يشهد قطاع المطاعم تحوّلاً جذرياً في طريقة الوصول إلى العملاء، فلم تعد النكهات وحدها كافية لصناعة الولاء، ولا الموقع الجغرافي ضامناً لتدفّق الزوار، ومع تغيّر العادات وارتفاع المنافسة؛ برز التسويق الإلكتروني للمطاعم كقناة حاسمة لبناء الحضور، وتعزيز التفاعل، وتحقيق النمو.
وسواء كنت تدير مطعم صغير في حيّ شعبي أو علامة تجارية توسّعت إقليمياً؛ فإن الأدوات الرقمية اليوم تمنحك القدرة على جذب الزبائن في اللحظة التي يشعرون فيها بالجوع، وتحويل قرار عابر إلى طلب فعليّ من مطعمك “بضغطة زر”.
في هذا المقال لا أقدم لك دليلاً عملياً فحسب، بل خريطة حية تضع بين يديك أسرار التسويق الإلكتروني للمطاعم، وتكشف كيف استطاعت الكثير من المطاعم أن النجاح في تعزز حضورها، وتحقق نمواً لافتاً بمجرد تبني استراتيجيات تسويقية رقمية فعالة ومستمرة.
هل التسويق الإلكتروني فعال للمطاعم؟
مع التزايد المستمر في أعداد مستخدمي الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، أصبح من السهل على المطاعم الوصول إلى جمهور كبير دون تكاليف مرتفعة، وبالفعل باتت الأدوات الرقمية تتيح قابلية تتبع أداء الحملات بدقة، والمساعدة في قياس مدى نجاحها وتحسينها بمرور الوقت.
كما أثبتت التجارب أن المحتوى الرقمي الجيد والإعلانات الموجهة تستطيع أن تزيد بشكل كبير من نسب الحجوزات وأعداد الطلبات عبر الإنترنت.
علاوة على ذلك، يتيح التسويق الإلكتروني للمطاعم إمكانية التفاعل المباشر مع العملاء (مثل الرد على تقييماتهم واستفساراتهم) مما يعزز العلاقة معهم ويزيد من رضاهم.
إن القدرة على تقديم عروض ترويجية خاصة أو خصومات عبر البريد الإلكتروني أو تطبيقات التواصل الاجتماعي؛ تجعل العملاء يشعرون بالتقدير ويحفزهم للعودة مجدداً.
وفي ضوء هذه المزايا؛ يمكننا القول إن الاستثمار في التسويق الرقمي للمطاعم يصنع فرقاً ملموساً في زيادة المبيعات والنمو المستدام للمطعم.
حقائق حول التسويق الرقمي للمطاعم
الزبائن اليوم يتخذون قراراتهم بناءً على ما يرونه ويقرأونه عبر الإنترنت، إليك بعض الإحصائيات التي تبيّن حجم التأثير الحقيقي للتسويق الرقمي في قطاع المطاعم:
- نحو 80% من العملاء يتوقعون أن يكون للمطاعم حضور وتفاعل في وسائل التواصل الاجتماعي.
- يثق 72% من العملاء بالمراجعات الإلكترونية بقدر ثقتهم بتوصيات الأصدقاء والأقارب.
- يعتمد 94% من المستهلكين عند اختيار المطعم على المراجعات الإلكترونية.
- تحولت نحو 62% من الميزانيات الإعلانية عالمياً من التسويق التقليدي إلى التسويق الإلكتروني.
- الإعلانات الرقمية يمكن أن ترفع الوعي بالعلامة التجارية بنسبة تصل إلى 80%.
- يفكّر 89% من الناس بالبحث عن المطاعم على هواتفهم الذكية قبل الذهاب إليها.
مقارنة بين التسويق التقليدي والتسويق الإلكتروني للمطاعم
يرتكز التسويق التقليدي على الوسائل الفيزيائية (مثل اللوحات الدعائية والإعلانات في الصحف والتلفزيون)، وقد يَكُون فعّالاً في بعض الحالات لكنّه يفتقر لإمكانية قياس النتائج بسهولة.
بالمقابل، يتيح التسويق الإلكتروني استهداف الجمهور المهتم مباشرةً وتعديل الحملات سريعاً بحسب الحاجة، فقد بات من الممكن تتبع أداء الحملة بدقة وتحليل تفاعل العملاء بشكل فوري.
كما يُعدّ التسويق الرقمي خياراً أقل تكلفة وأكثر كفاءة في العائد على الاستثمار، فعلى سبيل المثال، الحملات التقليدية كالإعلانات التلفزيونية تتطلب ميزانيات ضخمة وتخطيط طويل، بينما يمكن إطلاق حملات رقمية صغيرة التكاليف وفي وقت قصير.
باختصار، قنوات التسويق الإلكتروني للمطاعم توفر مرونة واستهداف أفضل مقارنة بالتسويق التقليدي.
جدول مقارنة بين التسويق التقليدي والتسويق الإلكتروني
فيما يلي أبرز الفروقات بين نوعي التسويق التقليدي والإلكتروني:
وجه المقارنة | التسويق التقليدي | التسويق الإلكتروني |
التكلفة | مرتفعة (لوحات، منشورات مطبوعة) | متوسطة (نصوص، صور وفيديوهات) |
الاستهداف | جغرافي عام | شرائح دقيقة (العمر، الاهتمام، الموقع) |
القياس | صعب (تقديرات) | فوري (نقرات، طلبات، عائد) |
التعديل | بطيء ومكلف | لحظيّ وخالٍ من الهدر |
مميزات التسويق الإلكتروني للمطاعم
من أبرز المميزات التي يوفرها التسويق الرقمي للمطاعم ما يلي:
- تعزيز الوعي بالعلامة التجارية: الحملات الإعلانية والمحتوى الجذاب عبر وسائل التواصل تساعد في بناء صورة قوية للمطعم في ذهن الجمهور.
- وصول أوسع للجمهور: يتيح الإنترنت الوصول إلى آلاف أو ملايين العملاء المحتملين، بدلاً من الاقتصار على من يقعون ضمن نطاق جغرافي محدد.
- تحسين تجربة العميل: يمكن للمطعم تقديم معلومات مفصلة عن قائمة الطعام وخيارات الحجز عبر الموقع أو الصفحات الرسمية، إضافة إلى عروض وخصومات خاصة تجذب العملاء.
- التفاعل المباشر مع العملاء: يتيح التواجد الإلكتروني استقبال التعليقات والرسائل والرد عليها بسرعة، مما يعزز الثقة والولاء لدى العملاء الحاليين.
- زيادة الحجوزات والطلبات عبر الإنترنت: تؤدي العروض الترويجية والحملات المستهدفة إلى ارتفاع عدد الحجوزات وطلبات التوصيل، خاصةً عند ربطها بصفحة المطعم في جوجل وغيره.
- قياس الأداء وتحليل البيانات: يستطيع صاحب المطعم تتبع أداء الإعلانات والمحتوى الرقمي بمعرفة عدد الزيارات ومصدرها وتفضيلات العملاء، وبالتالي تحسين استراتيجياته باستمرار.
- تحسين التنافسية: باعتماد أدوات التسويق الإلكتروني يمكن للمطعم أن يظل متقدماً على المنافسين الذين قد يتأخرون في تبني هذه القنوات، مما يمنحه ميزة في السوق التنافسية.
جميع ما سبق يشكل دعماً قوياً لزيادة الحجوزات والمبيعات، الأمر الذي لا تستطيع أن تحققه بسهولة الوسائل التقليدية.
استراتيجيات التسويق الإلكتروني للمطاعم
نستعرض الآن مجموعة من أهم استراتيجيات التسويق الإلكتروني للمطاعم
-
إنشاء موقع إلكتروني مع تحسينه للظهور في محركات البحث
يعدّ وجود موقع إلكتروني احترافي خطوة أساسية للنجاح التسويقي، فالناس يبحثون عن المطاعم عبر الإنترنت قبل قرار تناول الطعام، ونسبة كبيرة منهم تستخدم الهواتف المحمولة في البحث.
لذا ينبغي تصميم الموقع ليكون متوافقاً مع الجوّالات وتضمين قائمة الطعام والصور ومعلومات التواصل (العنوان، ساعات العمل، رقم الهاتف).
بالإضافة إلى ذلك، يجب تحسين الموقع لمحركات البحث (SEO) عبر استخدام الكلمات المفتاحية المتعلقة بالمأكولات وموقع المطعم، لضمان ظهوره في النتائج الأولى.
على سبيل المثال، الإشارة إلى موقع المطعم بالكلمات المفتاحية المحلية مثل “أفضل مطعم مشويات في الرياض” يحسن احتمالية ظهوره في أول نتائج البحث.
ويؤكد مختصون أن وجود موقع إلكتروني محسّن يساعد على الظهور أمام العملاء أولاً والاستفادة من الحملات الإعلانية التي توجه الزوار إلى صفحات المطعم ثانياً.
-
إنشاء حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي
إن إنشاء حسابات على مختلف المنصات من فيسبوك وإنستغرام وربما تيك توك؛ سيضاعف فرص ظهور المطعم، فمن خلالها ينشر المطعم صوراً جذابة لأطباقه ويشارك عروضاً خاصة، ويتفاعل مع التعليقات لتوطيد العلاقة مع الزبائن.
كما أن التواصل المنتظم مع المتابعين (مثل نشر قصص يومية أو الرد على استفسارات) يعزز الثقة، ويؤدي إلى توصيات شفهية إلكترونية تساهم في جذب عملاء جدد.
وتعد حسابات التواصل الاجتماعي فرصة ليشارك الجمهور لحظاته في المطعم وبالتالي التسويق للمطعم بطريقة غير مباشرة أو بما يعرف بالتسويق الشفهي Word-of-mouth marketing.
الترويج عبر الإعلانات المدفوعة
تساعد الحملات الإعلانية الممولة على استهداف شرائح محددة من الجمهور بحسب العمر والموقع الجغرافي والاهتمامات، وهي على نوعين أساسيين تبعاً للقناة المعتمدة للترويج:
- إعلانات مدفوعة في وسائل التواصل الاجتماعي: تتيح هذه الإعلانات استهداف جمهور دقيق بحسب العمر والاهتمامات، مع إمكانية تعديل الحملة لتعظيم النتائج.
على سبيل المثال، يمكن توجيه إعلانات العروض والخصومات لمن يعيشون بالقرب من المطعم أو المهتمين بالطعام الشرقي.
- إعلانات مدفوعة في محركات البحث: تظهر هذه الإعلانات فوق نتائج البحث عند استخدام كلمات مفتاحية ذات صلة، وتُشير الإحصاءات إلى أن الإنفاق على الإعلانات الرقمية يشكّل ما يقارب 62% من إجمالي الإنفاق العالمي على الإعلانات، أي أن الشركات المعلنة تتجه نحو اعتماد التسويق الإلكتروني بدل التسويق التقليدي، خاصة مع تطور أدوات الاستهداف الدقيق وسرعة جذب العملاء.
ويمكن تهيئة إعلانات غوغل لتظهر عند البحث عن “مطعم قريب” أو أسماء أطباق معينة، بطريقة تسرّع من وصول الزبائن إلى مطعمك.
-
التسويق بالمحتوى
يرتكز التسويق بالمحتوى على ما هو أبعد من الترويج التقليدي، فهو أسلوب يعيد تعريف العلاقة بين المطعم وجمهوره، ويجعل من كل قطعة محتوى جسراً يُقرّب الناس من العلامة التجارية دون أن يُطلب منهم الشراء بشكل مباشر.
يُمكن للمطعم وفق هذه الاستراتيجية أن يشارك مقالات تثقيفية عن تاريخ ومكونات أطباقه، أو فيديوهات قصيرة توضّح خطوات إعداد وجبة مميزة، أو حتى تدوينات تسرد حكاية تأسيس المطعم، وشغف من يقفون خلفه، أو محتوى يعكس تجارب العملاء الشخصية مع المطعم بأسلوب قصصي.
مثل هذا المحتوى يُظهر البُعد الإنساني للمطعم، ويمنح العملاء سبباً للاهتمام، والتفاعل، وربما التوصية بالمكان حتى قبل زيارته، أي أنه يشكل حضور صامت لكنه مؤثر، ويحجز للمطعم موقعاً في أذهان أو قلوب الجمهور بسبب القيمة التي يقدمها.
ما يميز هذا النهج أنه ليس لحظي الأثر، بل استثمار تراكمي يُبنى بمرور الوقت، وتشير الدراسات إلى أن الجمع بين المحتوى القوي واستراتيجية SEO فعالة هو من أكثر أدوات التسويق تحقيقاً للعائد على الاستثمار، بما يمكن أن يتفوق على الإعلانات المدفوعة نفسها.
-
تفعيل النشاط التجاري (جوجل ماي بزنس)
تُعد خدمة “نشاطي التجاري على جوجل” (Google My Business) واحدة من أبرز الأدوات الرقمية التي لا غنى عنها لأي مطعم يسعى لتعزيز حضوره المحلي والوصول السريع إلى عملائه المحتملين.
فبحسب التقارير، يبحث 97% من العملاء عن الأنشطة المحلية عبر الإنترنت قبل الشراء منها، وغالباً ما تكون نتائج بحث Google وخرائطه هي المحطة الأولى لهذا البحث، وهذا يعني أن الانطباع الأول عن مطعمك قد لا يُبنى من خلال الزيارة الميدانية، بل من خلال ما يظهر على بطاقة معلوماتك في جوجل.
ولهذا، لا يكفي إنشاء الملف ثم نسيانه؛ بل يجب تحديثه بشكل منتظم بمعلومات دقيقة تشمل: العنوان، ساعات العمل، قائمة الطعام، رقم الهاتف، إضافة صور جذابة وعالية الجودة، والرد على الأسئلة والتعليقات، كل هذه التفاصيل ترسم صورة المطعم في ذهن الباحث، وتؤثر مباشرة في قراره بالزيارة أو التوصية.
وما يميز هذه الخدمة أنها مجانية تماماً، كما أنها تتيح لك فرصة الظهور عند أكثر اللحظات حساسية في قرار العميل (حين يبحث مثلاً عن “مطاعم قريبة الآن” أو “أفضل فطور في جدة”) ليظهر له مطعمك مباشرة، مرفقاً بكل ما يحتاجه لاتخاذ قراره على الفور.
-
التسويق عبر البريد الإلكتروني
التسويق عبر البريد الإلكتروني هو واحدة من أكثر أدوات التواصل فعالية في قطاع المطاعم، لما يتميز به من قدرة على الوصول المباشر والدوري إلى العملاء دون وسيط.
فبدلاً من انتظار الزبون ليبحث عنك، تصل أنت إليه برسالة مدروسة، تحمل عرض أسبوعي، أو تذكير ببرنامج الولاء، أو حتى تهنئة شخصية في مناسبة خاصة به.
وما يمنح هذا النوع من التسويق وزنه الحقيقي هو الأرقام التي يحققها، فوفقاً للدراسات، كل دولار يُنفق على البريد الإلكتروني يعود بنحو 42 دولار من الإيرادات، ليكون من أعلى القنوات التسويقية عائداً على الاستثمار، لكن أثر هذا النوع من التسويق لا يقف عند العائد المالي، بل يمتد إلى تعزيز العلاقة مع الزبون، وتحفيزه للعودة مجدداً.
كما يمكن للبريد الإلكتروني أن يكون أداة استراتيجية عند دمجه مع برامج الولاء، مثل إرسال كوبونات حصرية لمتابعي النشرة البريدية، أو عروض مخصصة بناءً على سجل الطلبات، المهم أن لا يكون الإرسال عشوائياً أو متكرراً بشكل مزعج، بل قائماً على محتوى حقيقي ذي قيمة.
عندما يتم استخدام البريد الإلكتروني بذكاء، يتحوّل من مجرد قناة رسائل إلى وسيلة تبني علاقة شخصية ومستدامة مع الزبائن، لتجعلهم ينتظرون جديدك.
وقد تحدثت عن هذه الاستراتيجية في مقالة مفصلة يمكنك الاطلاع عليها عبر الرابط: التسويق عبر البريد الإلكتروني (دليل نحو نجاح تسويقي في 2025)
جدول مقارنـة سريعة بين القنوات الرقمية
فيما يلي نظرة سريعة ومقارنة موجزة لأبرز استراتيجيات التسويق الإلكتروني للمطاعم، مع توضيح أهداف كل منها، وما تقدمه من مزايا، والتحديات التي قد تواجهك عند تطبيقها
الاستراتيجية | الهدف / الاستخدام | المزايا | التحديات |
موقع إلكتروني + تحسين SEO | الظهور في نتائج البحث عند بحث العملاء عن مطاعم قريبة أو نوع طعام معين | يعزز الثقة والمصداقية، يُظهر المطعم باحترافية، يسهل الوصول للمعلومات، يدعم الطلب الإلكتروني | يتطلب تصميم احترافي، متابعة دورية، خبرة في الكلمات المفتاحية، منافسة عالية في بعض التصنيفات |
وسائل التواصل الاجتماعي | بناء علاقة مستمرة وتفاعلية مع العملاء، نشر العروض، إبراز هوية المطعم | تواصل فوري مع الجمهور، تكلفة منخفضة، يتيح مشاركة الصور والفيديوهات، يدعم الانتشار العضوي | تغيّر الخوارزميات يقلل الوصول المجاني، يتطلب محتوى متجدد وجذاب باستمرار |
الإعلانات المدفوعة | الوصول السريع إلى شرائح محددة من الجمهور لزيادة الحجوزات والطلب | نتائج فورية، استهداف دقيق حسب الموقع والاهتمامات، يمكن قياس الأداء وتحسينه في الوقت الفعلي | تكلفة متغيرة، تحتاج خبرة في الإعداد والتحسين، خطر الهدر عند استهداف غير دقيق |
التسويق بالمحتوى | جذب العملاء من خلال محتوى يضيف قيمة (ثقافي، تعليمي، ترفيهي) | يبني الثقة والولاء، يُعزز SEO، يمنح المطعم شخصية مميزة، يحقق نتائج طويلة المدى | يتطلب وقتاً وجهداً مستمرين، يحتاج خطة تحريرية واضحة، يتطلب الصبر لظهور النتائج |
Google My Business | تحسين الحضور في نتائج البحث المحلية وخرائط جوجل، وجذب الزبائن القريبين | مجاني، يعزز المصداقية من خلال المراجعات، يسهل الحجز أو الاتصال، يظهر في البحث الجغرافي | محدودية التحكم في التصميم والمحتوى، يتطلب متابعة دورية للتحديثات والتفاعل مع التعليقات |
التسويق عبر البريد الإلكتروني | الحفاظ على التواصل مع العملاء الحاليين وتفعيل برامج الولاء والعروض الخاصة | عائد استثماري مرتفع (يتجاوز 36 دولار لكل دولار يُنفق)، قابل للتخصيص، يعزز العودة المتكررة | بناء قائمة بريدية فعالة يحتاج وقتاً، خطر البريد المزعج، يتطلب محتوى جذاب وتحليلاً للنتائج |
كيف تبدأ في التسويق الإلكتروني لمطعمك؟
قبل أن تنطلق في تنفيذ أي حملة، لا بد من تحديد من سيقود هذه الجهود. الخيارات متعددة، ولكل منها ما يناسب مرحلة المطعم وموارده المتاحة.
التعاقد مع شركة تسويق إلكتروني
إذا كنت تبحث عن انطلاقة قوية وسريعة دون الغوص في تفاصيل التوظيف والإدارة، فالتعاون مع وكالة متخصصة قد يكون الخيار الأمثل، إذ تتمتع الوكالات بوجود فريق من الاختصاصيين (مصمم مواقع، خبير SEO، أخصائي محتوى) يستطيعون إدارة جميع جوانب التسويق بفعالية، وغالباً ما تقدم هذه الشركات تقارير دورية لقياس الأداء، وتوفر حزم خدمات متكاملة تتناسب مع احتياجات المطعم.
توظيف فريق تسويق إلكتروني
أما إذا كنت تطمح لبناء هوية مستقرة ونظام تسويق قابل للنمو، فقد يكون الوقت قد حان لتكوين فريق خاص بمطعمك، ويمكن ذلك إما بتوظيف فريق داخلي أو عن طريق التعاون مع مستقلين.
-
توظيف فريق بدوام كامل
هذا الخيار يناسب المطاعم التي تطمح لبناء علامة تجارية طويلة المدى وتملك الموارد المالية لتوظيف اختصاصيين في مجالات التصميم والإعلان، مع تحكّم أكبر في الخطط والتنفيذ، حيث يمكن لفريق التسويق الداخلي أن يفهم رؤية المطعم جيداً ويكون متاحاً للتفاعل الفوري مع مستجدات السوق.
على سبيل المثال، يمكن للفريق الداخلي تعديل محتوى الموقع والتواصل الاجتماعي بسرعة تامة بما يتناسب مع الترندات.
-
توظيف مستقلين عن طريق منصات العمل الحر
أما إن كانت احتياجاتك مؤقتة أو ميزانيتك محدودة، فيمكنك الاعتماد على المستقلين لتنفيذ مهام محددة دون التزامات طويلة الأمد، ويمكنك التعاون مع مستقلين (Freelancers) عبر منصات العمل الحر مثل “خمسات” و”مستقل”.
قد يوفر هذا الخيار تكلفة أقل مقارنة بالفريق الدائم، مع إمكانية اختيار مهارة محددة (مثل تصميم إعلان أو كتابة مقالة، مع ضرورة التأكد من خبرتهم وكفاءتهم لضمان جودة النتائج، والاتفاق على خطة عمل واضحة ومواعيد تسليم دقيقة.
دراسات حالة لمطاعم نجحت في استخدام التسويق الإلكتروني
الحديث عن الاستراتيجيات مهم، لكن الأرقام والنتائج هي ما يُثبت فاعليتها. إليك نماذج واقعية لمطاعم استطاعت أن تُحوّل التسويق الرقمي من فكرة إلى نتائج ملموسة.
حالة (1) كيف أنقذ التسويق الرقمي مطعماً عائلياً من التراجع؟
في أحد أحياء شمال فرجينيا الأمريكية، كانت سلسلة مطاعم Deli العائلية تواجه تحدياً صامتاً، فالمطعم (رغم نكهاته الأصيلة وزبائنه الأوفياء) كان يخسر تدريجياً مكانته في السوق المحلي، والسبب لم يكن في الطعم، بل في شيء لم يكن ليُقدَّم على الطاولات: التسويق الرقمي.
لسنوات، ظل حضور Deli على الإنترنت باهتاً؛ موقع إلكتروني قديم غير محسَّن للظهور في محركات البحث، حسابات تواصل غير محدثة، وقاعدة بيانات عملاء لا تُستثمر كما ينبغي، ومع تزايد المنافسة وانتقال الزبائن للبحث عن تجاربهم التالية عبر Google وInstagram، بدأت الحجوزات تنخفض، وتضاءل الظهور أمام العملاء الجدد.
استمر الوضع على هذا الحال إلى أن قررت إدارة المطعم في 2021، اتخاذ خطوة مصيرية بالتعاون مع وكالة تسويق متخصصة، وهنا كانت نقطة التحول.
بدأ الفريق بخطة واضحة:
- إطلاق حملات بريد إلكتروني أسبوعية تستهدف عملاء سابقين بعروض شخصية.
- تحديث شامل لملفات Google Business لكل فرع، مع التركيز على الصور والمراجعات.
- تحسين ظهور الموقع في نتائج البحث المحلية (SEO).
- نشر محتوى مرئي منتظم على وسائل التواصل الاجتماعي، من صور الأطباق إلى كواليس المطبخ.
النتائج لم تتأخر، فخلال عام واحد فقط:
- ارتفعت الطلبات عبر الموقع بنسبة 15%
- زادت نسبة الظهور في البحث المحلي بنسبة 26%
- تسجيل أكثر من 4000 مراجعة إيجابية على Google، مما عزز ثقة الزبائن وولائهم للمطعم.
ما حدث لم يكن مجرد تحسن رقمي، بل تحول جذري في علاقة المطعم بجمهوره؛ إذ أصبح مرئياً، متاحاً، ومتواصلاً مع الزبائن لحظة بلحظة، كل ذلك بفضل حزمة من الخيارات المدروسة في التسويق الرقمي.
حالة (2) كيف حوّل شابان مشروعهما من فكرة جامعية إلى علامة رقمية عن طريق التسويق؟
في أحد الأحياء الجامعية في كاليفورنيا، بدأ الأخوان ليزاما مشروع Taco Bar Catering من دون مطعم، بلا ميزانية تسويقية، وبالكاد بعض معدات الطبخ، فقد كانت الفكرة بسيطة: توفير وجبات مكسيكية طازجة لمناسبات الحرم الجامعي.
ومع مرور الوقت، بدأ الطلب يزداد، لكن المشروع لم يكن مستعداً رقمياً للنمو؛ لا موقع إلكتروني، ولا نظام طلبات رقمي، ولا أي وسيلة تواصل تضمن بقاء العملاء على تفاعل مع المشروع.
كان واضحاً أن النجاح لن يستمر ما لم يُعاد التفكير بكل شيء، وهذا ما حصل في 2021، عندما قرر الأخوان ليزاما اتخاذ خطوة مصيرية عبر إطلاق استراتيجية رقمية شاملة، فكانت نقطة التحوّل.
بدأ الفريق التسويق الخاص بالمشروع بخطة واضحة:
- إطلاق موقع إلكتروني حديث يتيح الطلب والدفع بسهولة.
- ربط المنصة بنظام تنبيهات فورية وتخصيص حملات بريد إلكتروني للعروض.
- تنفيذ برنامج ولاء رقمي يشجع على تكرار الطلب.
- تحليل سلوك العملاء لتخصيص المحتوى والخدمات.
وخلال فترة بسيطة (حوالي عام واحد) كانت النتائج كالآتي:
- نمت الإيرادات بنسبة 360% مقارنة بالسنوات السابقة
- في 2022، سجل المشروع قفزة بنسبة 600% مقارنة بمجمّع عامي 2019 و2020
- تحوّل المشروع من خدمة صغيرة إلى علامة تجارية رقمية، قادرة على التوسع ومواكبة الطلب.
هذه النتائج لم تكن لتتحقق دون إنشاء بنية تحتية تسويقية تعيد تعريف تجربة العميل منذ لحظة اكتشافه للمطعم حتى لحظة تلقيه للطلب.
حالة (3) كيف استعادت سلسلة مطاعم شهيرة بريقها في السوق بسبب التسويق الرقمي؟
في السنوات الأخيرة، بدأت فروع Chili’s (أحد أشهر سلاسل الطعام في أمريكا) تفقد زخمها الذي كانت تُعرف به، فرغم شهرتها وانتشارها، كانت المبيعات تتراجع، والزبائن يتجهون لمطاعم أصغر وأكثر حضوراً على شبكات التواصل الاجتماعي.
كان الخلل في مكان غير مرئي على قوائم الطعام، وهو غياب الحضور والتفاعل الرقمي (المواقع بطيئة، المحتوى ضعيف، والإعلانات محدودة) ومع تغير سلوك شريحة الجمهور وازدياد الاعتماد على الطلب الإلكتروني، بدأت أرقام المطعم في الهبوط.
لكن في 2022، اتخذت الإدارة خطوة بإعادة صياغة تجربة Chili’s بشكل جذري، وبدأ فريق التسويق بالخطوات التالية:
- إعادة تصميم قائمة الطعام لتكون أسهل وأكثر انسجاماً مع العروض المنتشرة على الإنترنت.
- إطلاق حملات مرئية على وسائل التواصل تعرض الأطباق بشكل جذاب.
- تحسين تجربة الحضور داخل المطاعم من خلال تحديث التصميم وتدريب الطاقم.
- إعادة هيكلة خطة المحتوى لتكون أكثر تفاعلاً مع العملاء.
لم تمض إلا أشهر قليلة حتى جاءت النتائج التي تتناسب مع حجم وتاريخ السلسلة:
- زاد عدد الزبائن بشكل طردي إلى أن وصلت الزيادة إلى ما نسبته 19%
- ارتفعت المبيعات من 1.06 مليار دولار إلى 1.35 مليار دولار
- سُجلت نسبة نمو سنوية في المبيعات بلغت 27%
ما حدث يعتبر ولادة جديدة لسلسلة عريقة، أصبحت تعرف كيف تتحدث بلغة جمهورها، وفي التوقيت والمكان والأسلوب المناسب.
نصائح عملية لتحقيق النجاح في التسويق الإلكتروني لمطعمك
- اعمل على بناء هوية مرئية قوية: طوّر شعاراً مميزاً وألواناً ثابتة في جميع قنواتك الرقمية. الاتساق في الهوية البصرية يعزز الاحترافية ويجعل علامتك سهلة للتذكر في أذهان العملاء.
- أنشئ موقع إلكتروني محلي محسن للظهور في محركات البحث: تأكد من تضمين قائمة الطعام ومعلومات التواصل، وأن يكون الموقع سريعاً ومناسباً للجوال.
- قم بإعداد محتوى مرئي وجذاب: فالصور والفيديوهات عالية الجودة تحفّز العملاء على اختيار مطعمك، ولا تنس التركيز على تصوير الأطباق بطريقة تحاكي حواس المشاهدين.
- حافظ على تحديث ملف جوجل ونشر محتوى منتظم: أضف صوراً جديدة للمطعم وقائمة الطعام، واستجب بسرعة لتعليقات الزبائن عبر صفحتك على Google My Business، فالمحتوى المتجدد يزيد من فرصة ظهورك في محركات البحث ويحافظ على تفاعل الجمهور.
- استخدم العروض الترويجية والفريدة: حفّز المتابعين على المشاركة في مسابقات عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو قدم خصومات للمشتركين في النشرة البريدية، هذه الأساليب تزيد التفاعل وتجذب عملاء جدد بصفة عضوية.
- شجع المراجعات عبر الإنترنت: المراجعات الإيجابية تبني ثقة العملاء كما ذكرنا سابقاً، لذا احرص على تشجيع الزبائن على تقييم المطعم عبر جوجل أو فيسبوك والرد عليها بالشكر لتحسين سمعتك.
- قيِّم نتائج حملاتك الرقمية: استخدم أدوات تحليل مثل Google Analytics لقياس أداء الحملات ومعرفة ما الذي يعمل بفعالية وتحسينه باستمرار. فمثلاً يمكن تتبع عدد الزوار، التحويلات (الحجوزات)، ومصادر الزيارات، ثم ضبط الاستراتيجيات بناءً على البيانات.
5 أسئلة شائعة عن التسويق الإلكتروني للمطاعم
هل التسويق الإلكتروني مفيد لمطعم صغير؟
بالتأكيد التسويق الإلكتروني مفيد لجميع أنواع المطاعم، يساعد في الوصول إلى الزبائن بكفاءة، إذ تستثمر معظم الشركات جزء كبير من ميزانيتها في القنوات الرقمية، حتى التواجد البسيط على فيسبوك أو “جوجل ماي بزنس” يمكن أن يزيد الوعي بالمطعم ويوّسع قاعدة زبائنه المحتملين.
كيف يحسّن Google My Business من ظهور المطعم في البحث؟
يساعد ملف النشاط التجاري Google My Business على ظهور المطعم في نتائج البحث المحلية وخرائط جوجل عندما يبحث الزبائن عن مطاعم في المنطقة، وإذا تم تحديث هذا الملف بانتظام (ساعات العمل، الصور، قائمة الطعام)، وتعزيز المراجعات الإيجابية، سيصبح المطعم أكثر وضوحاً ويسهُل العثور عليه.
لماذا تُعتبر الإعلانات المدفوعة على وسائل التواصل ومحركات البحث مهمة؟
تُعتبر الإعلانات المدفوعة على وسائل التواصل ومحركات البحث مهمة لأنها تتيح استهداف العملاء بدقة حسب الاهتمامات والموقع الجغرافي، على سبيل المثال، تظهر إعلانات فيسبوك للمستخدمين المهتمين بنوع معين من الطعام، بينما تظهر إعلانات جوجل للباحثين عن مطاعم في منطقة محددة، هذه الاستهدافات الدقيقة تزيد من فعالية الإنفاق الإعلاني وترفع معدل تحويل المشاهدين إلى زبائن فعليين.
خاتمة
لم يعد بوسع أي مطعم أن يكتفي بما يقدمه داخل جدرانه، بل باتت الهوية الرقمية جزءاً لا يتجزأ من نكهة التجربة، لذلك فإن التسويق الإلكتروني ليس رفاهية ولا حملة موسمية، بل هو استثمار استراتيجي يُعيد تعريف العلاقة بين المطعم وزبائنه، ويمنح كل طبق قصة، وكل تجربة صوتاً يصل إلى آلاف وربما ملايين.
من يملك اليوم الجرأة على خوض هذا المسار باحتراف، لن يجني فقط حجوزات أعلى ومبيعات أفضل، بل سيصنع من مطعمه علامة راسخة في ذاكرة الناس ومحركات البحث معاً، والمطاعم التي تفهم جمهورها وتخاطبه بلغته الرقمية، ستظل قادرة على المنافسة، النمو، والتأثير.
أما دون تحقيق ذلك فسيبقى المطعم مجرد مقدم لطعام لذيذ، لكنه مجهول، هل مطعمك مستعد ليكون مرئياً حين يبحث الناس عنه؟